رحلة في آية ( بسم الله الرحمن الرحيم )

إن من أعظم آيات القرآن الكريم وأجلها قوله تعالى ( بسم الله الرحمن الرحيم ) لأنها أولى آيات المصحف الشريف من جهة ولأنها أعظم آية في القرآن كما روي عن الإمام جعفر الصادق من جهة ثانية ...
وفي هذه الآية العظيمة مباحث تتسع اتساع البحر العميق وما نكاد نحصي منها إلا النذر القليل وهنا سأشير الى بعض الوجوه واللطائف التي رنوت اليها فيها ...
أولا - كتابتها :
القاعدة في كتابة كلمة ( بسم ) أن تكتب ( باسم ) فهمزة ( اسم ) همزة وصل تكتب ولا تلفظ ... وقد أسقطت
عند كتابة البسملة الشريفة لاشتهارها وكثرة استعمالها فلا يحذر من الخطأ في قراءتها ولو أتت في موضع آخر لا تصح كتابتها كذلك كما في قوله تعالى ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) .
وأما كلمة ( الرحمن ) فهي تقرأ ( الرحمان ) وتكتب ( الرحمن ) بحسب رسم المصحف العثماني ويستعاض بالكتابة عن الألف الممدودة بألف صغيرة توضع فوق الميم ...
ثانيا - حكمها :
البسملة آية من أوائل كل سور القرآن الكريم باستثناء سورة براءة ( التوبة ) وهي جزء من آية ضمن سورة النمل ( إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ) وهذا هو الرأي الأصوب ، والرأي الآخر رأي الذين لا يرون أنها آية من كل سورة فوقعوا في محذور كبير بزعمهم هذا لأن كلامهم يعني أن في المصحف الشريف ما ليس من القرآن الكريم وهذا لا يليق بكتاب الله الذي لا زيادة ولا نقصان فيه ...
وإن عدم ورود آية البسملة في مطلع سورة التوبة دليل على أنها آية من بقية السور وليست زيادة من ناسخي القرآن الكريم وإلا لزادوا ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) والتي يقرؤها الجميع قبل تلاوة القرآن الكريم أو لكتبوا كلمة ( آمين ) آخر سورة الفاتحة .
ثالثا - فضلها :
روي عن الامام علي بن موسى الرضا بسنده عن رسول الله الأعظم محمد صلى الله عليه وآله أنه قال : ( بسم الله الرحمن الرحيم أقرب الى اسم الله الأعظم من سواد العين الى بياضها )
رابعا - معاني الكلمات :
الله : اسم لا يطلق إلا على الذات الالهية العلية ومعناه الذي يحق له العبادة وتتحير العقول في كنه عظمته ويفزع الخلق اليه في حوائجهم ويسكنون الى ذكره ....وهو محتجب بالكيفية عن الأوهام وظاهر بالدلائل والأعلام .
الرحمن : بمنزلة اسم العلم فلا يطلق إلا على الله تعالى ومعناه ذو الرحمة .
الرحيم : الراحم الذي يعود على عباده بالرزق والنعم ..
ويمكن أن يوصف الناس بكلمة رحيم كما وصف الله سبحانه حبيبه المصطفى صلى الله عليه وآله ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) ...
خامسا - معنى الآية الكريمة :
استعن وابتدئ بتسمية الله وأسمائه الحسنى وصفاته العليا ...
أي ابتدئ بتسمية الله المستحق للعبادة رحمن الدنيا رحيم الآخرة ....رحمن الخلق رحيم المؤمنين ...
سادسا - لطائف في الآية الكريمة :
كنت قد سمعت من الشاعر السوري الكبير عمر أبو ريشة رحمه الله بأن العربي الأصيل صاحب اللغة السليمة إذا سمع قوله تعالى ( بسم الله الرحمن ) انخلع قلبه خوفا لأن كلمة رحمن على وزن فعلان ووزن فعلان يدل على الصفات غير الثابتة كقولك عطشان وجوعان وتعبان .... فهنا لو شرب العطشان أو ارتاح التعبان لم يعد كذلك فصفته هذه غير ملازمة له على الدوام ..
فإذا قال تعالى ( الرحيم ) هدأ قلب العربي سليم اللغة لأن كلمة رحيم على وزن فعيل تدل على الصفات اللصيقة بالموصوف
كقولك كريم وحليم وعليم وعظيم .....
واللطيفة الثانية مسك ختام بحثي المتواضع في هذه الآية الكريمة هي قول الإمام جعفر بن محمد الصادق : الرحمن اسم خاص بصفة عامة والرحيم اسم عام بصفة خاصة ) فرحمة الرحمن والتي ورد في الآثار أنها جزء من مئة جزء من رحمة الله تشمل رحمة الوحش والأم والبر والفاجر والمؤمن والكافر ...وهي قد توزعت في مخلوقات الله كلها لأنها صفة عامة لاسم خاص بالله عز وجل .... وأما كلمة الرحيم والتي تطلق على غير الله عز وجل فإن صفتها ليست إلا له سبحانه لأنها الرحمة المطلقة التي ادخرها الله سبحانه للمؤمنين في دار الخلد وبها أسأل الله أن يدخلنا الجنة دون حساب .

مشكووووووووووووور

العفوووو