أقدم فزورة بالتاريخ !

السلام عليكم
أقدم فزورة في التاريخ
سلطان من سلاطين زمان، في سالف العصر و الآوان، كان له جاه وسلطان، وقوة وهيلمان ما رزقه ربنا إلا بنت وحيدة سماها قمر الزمان. و عهد السلطان بتربية البنت لمربية متعلمة و مطلعة اسمها "مرجانه" و مرت السنين وكبرت ، متفوقة في الجمال و الكمال و في العلم والثقافة ، تلقتهما من مربيتها العجوز، و إكتملت أنوثتها و بلغت مرحلة الزواج .. و كان أبوها السلطان متلهفا على بلوغها هذه المرحلة ليقر عينا بزواجها و لتنجب له ولي العهد الذي يخلفه على العرش. ولكنه صدم و كاد يفقد صوابه عندما فاتحها بأمر هذا الزواج وكان يعتقد انه يزف اليها بشرى ستتلقاها بكل فرحة و إمتنان. قالت له : انا لن أتزوج يا أبي . كيف ؟! هكذا يا ابي .. لا اريد الزواج .. و ما السبب ؟ و لن تجب فكرر السؤال : لماذا لا تريدين الزواج ؟ لست راغبة فيه . أهناك سب لعدم رغبتك فيه ؟ و لم تجب أيضا . و ظل أبوها السلطان يكرر السؤال لا تجيب حتى ضا ق صدره وصاح فيها: إسمعي يا قمر الزمان .. انتي ابنتي الوحيدة وقد احببتك و دللتك و ربيتك احسن تربية.. و أعجب الآن إذ أراك تقابلين صنيعي بالإساءة ! حاشى لله أن اسيء اليك يا أبي . اليس رفضك الزواج خروجاً عن طاعتي وإساءة لي ؟ و هل تزوجني يا ابي قسرا عني؟ بالطبع لا .. سيكون لك الإختيار .. إختيار الزوج الذي ترينه يليق بك ، من بين الأمراء الذين سيتوافدون لخطبتك. إعفني يا ابي ارجوك من الزواج .. لا احبه .. لا أأيده .. و العرش .. لمن أورثه .. و الحكم من خلفني فيه و السلطنة الكبيرة التي أفنى الأجداد عمرهم لتثبيت دعائمها من يحكما و يسوسها بعدي ؟! لماذا لا تريدين الزواج .. لماذا لا تحبينه و ترفضينه .. هكذا بدون سبب ! لا بد أن هناك سببا أنبئيني به لعلني أستطيع ان أقنعك بالعدول عنه .. و مرة اخرى لم تجب الاميرة ، و إستطرد أبوها يقول لها : اهو سر لا تريدين البوح به حتى لأبيك؟ و عبثا حاول السلطان ان ينتزع هذا السر من الأميرة ابنته . و لما يئس صرفها و إستدعى مربيتها العجوز و هو يعتقد انه سيعرف سر رفض إبنته الزواج متصورا أنها لا تخفي سرا عن هذه المربية . و صدق حدس السلطان. كانت المربية العجوز تعرف سر رفض الاميرة قمر الزمان الزواج. حلم حلمته .. غزال ذكر وقع في شرك الصياد في الغابة .. و جاءت الغزالة زوجته فرأته في محنته.. و بادرت على الفور إلى تخليصه من شرك الصياد وإنقاذ حياته .. و تمر الايام و يتكرر ما وقع للغزال الذكر .. يتكرر مع الغزاله زوجته و تقع في شرك الصياد و يجيء الغزال الذكر فيرى زوجته في محنتها .. ولا يعبأ بها و يمضي مسرعا خشية أن يجيء الصياد و يفاجئه و يصطاده ، هو الآخر. هذه حكاية الحلم الذي رأت الاميرة فيه انه يكشف عن خيانة و غدر الرجل مقابل وفاء وإخلاص المرأة.. ومن يوم أن رأت هذا الحلم كرهت جنس الرجال و قررت ألا تتزوج و تقرن حياتها برجل يجسد صورة الغزال الذكر الذي رأته في الحلم. و سمع السلطان الحكاية .. و عرف السبب في موقف بنته المفاجىء و المتعنت و تساءل : انا أعرف مبلغ رقة و حساسية ابنتي ، و أعذرها في موقفها .. و لكن لماذا لم تصارحني و قد تعودنا الا يخفي أحدنا عن الآخر سرا ؟! و أجابته المربية العجوز : و مع معرفتك بها يا مولاي هل تتصور أن تصدمك مشاعرها و رأيها في جنس الرجال بعد ان رأت الحلم الذي رأته .. هل تتصور يا مولاي أن تصارحك بهذا و أنت " سيد الرجال "؟! و أومأ السلطان برأسه موافقا : الحق معك .. وما ذا نفعل الآن ؟ نصبر عليها يا مولاي حتى تعدل عن رأيها الظالم.. ما أظنها تعدل .. تعرفين عنادها! ساخرج من جعبتي كل ما فيها من حكايات و أساطير تنصف الرجل و تشيد بفضائله و أحكيها لها ... و هل بقيت عندك حكايات لم تحكها لها؟! جعبتي لا تفرغ و موهبتي في روايتها تتجدد دائما و تتطور. علمت انها تفوقت عليك الآن في قص الحكايات لا يا مولاي ما زالت بيني و بينها مسافات في الحكايات و الأساطير .. و لكني أعترف أنها تفوقت علي فعلا في الفوازير.. عظيم ** نعود لموضوعنا .. قلت لمولاي إقتراحي .. انه يحتاج لوقت .. و أنا الآن في مأزق .. فأبتداء من الغد سيتوافد الخطاب من الأمراء و أكيد لن تلقاهم و سترفضهم جميعا .. أكيد .. و لكن لا باس فلترفض الآن من ترفضه حتى اذا وفقت في مهنتي و أقنتعها بالعدول عن ظلمها للرجل ، أعتمادا على حلم ، و ليس دائما تصح الأحلام .. كما أنه لا نبغي أن تتخذ من سلوك الحيوان قدوة لسلوك الإنسان الذي فضله الخالق على الجميع و سجدت له الملائكة. عظيم .. عظيم ... أنا واثق من تأثيرها و آمل خيرا في خطتك، و لكن المهم الآن ماذا نفعل مع الأمراء الخطاب الذين سيفدون إبتداء من الغد.. لا بد أن تقابلهم قمر الزمان .. و لا بأس أن تقابلهم و ترفضهم في البداية كما ُقلتِ .. سأحاول إقناعها .. و سأبذل جهدي في ذلك .. * * * و إنفردت المربية العجوز لفورها بالأميرة قمر الزمان .. و في البداية عبثا حاولت إقناعها بمقابلة الأمراء الخطاب و رفضهم كما تشاء و طمأنتها بأن هذا سيتم بموافقة أبيها السلطان ، و أن الأمر سيكون لعبة مسلية تلهو بها الأميرة و تكسر الفراغ الذي تعيش فيه. و سألت الأميرة المربية العجوز: و هل ساتحدث لهؤلاء الخطاب ؟ طبعا لأن الحديث يكشف شخصية المتحدث. و فيم اتحدث معهم ؟ أي شيء .. أي كلام.. و سكتت الأميرة برهة ثم فاجأت مربيتها بقولها : عندي فكرة .. لم لا يكون حديثي معهم فزورة صعبة معقدة من تأليفي أحاورهم و أداورهم فيها و انا واثقة من عجزهم عن حلها؟ فكرة جميلة يا مولاتي الاميرة يتسع بها مجال الحديث.. سأجعل حل الفزورة شرطا لقبول العريس و الإخفاق في حلها سببا في رفضه . ما أشد ذكائك يا أميرتي.. ستكون لعبة مسلية حقا !! و بدأ الخطاب من أمراء و أثرياء العالم يتوافدون .. كل يوم واحد .. و تستقبلهم قمر الزمان .. من خلف ستار بالطبع .. ستار يسمح لها بأن ترى بوضوح من خلفه ، ولا يسمح برؤيتها خلفه. و كل واحد منهم يعرف شرط القبول .. حل الفزورة الصعبة التي تفاجئهم بها . و تمضي الأيام ، ولم ينجح أحد ، و إرتد جميع الخطاب خائبين فاشلين ، و ليس هناك شفاعة.. ولا دورا ثانيا ولا أي محاولة أخرى. و خلال هذه الأيام كانت المربية العجوز تلاحق الأميرة بأساطيرها و حواديثها .. وكلها تمجد الرجل و تذكر له الفروسية والبطولة و الوفاء والفداء لوطنه ، و تروي تراث مآثر الإستشهاد في سبيل الوطن.. وتدريجيا خفت حدة حملة الأميرة على الرجل ، و أدركت أن هناك حقا فارقا بين الحيوان و الإنسان و أنه لا مقارنة بينهما. * * * و مضت مائة يوم وكل يوم منها يأتي عريس ، و يفشل في حل الفزورة ، و يعود من حيث اتى مشيعا برفض الأميرة. و في اليوم الأول بعد المائة جاء عريس .. أمير جميل الملامح قوي البنيان .. فارس من فرسان زمان .. و رأته المربية العجوز أولا و زفت للأميرة خبر مجيئه و أطنبت في وصافه ، و دعت الأميرة لإلقاء نظرة عليه من خلف الستار قبل أن يبدأ لقاء الإمتحان .. لقاء الفزورة الذي يحدد الفوز لصاحب الحظ و النصيب ، و ما كادت الأميرة تلقي نظرة على الأمير الفارس حتى لمع في عينيها بريق الإعجاب و غرد طائر الحب فوق راسها ، وهمست في إذن المربية : هذا هو فارس أحلامي .. وددت لو كان زوجا لي .. لكن ما الفائدة إنه لن يستطيع حل الفزورة اللعينة! و إنسحبت الأميرة الى غرفتها لتتأكد من حسن اختياها لملابسها و إستكمالها لزينتها .. و كانت هذه أول مرة تفعل ذلك قبل أن تخف للقاء العريس الخاطب الجديد و قد نسيت أن اللقاء يتم من خلف الستار الذي ترى هي كل شيء أمامها من خلفه ولا يستطيع أحد ن يراها خلفه. * * * و قدمت الأميرة قمر الزمان فزورتها و حاورت لفارس الأحلام و داورته فيها .. و النتيجة السارة التي فوجئت بها الأميرة و فوجىء بها أيضا الأمير .. كما فوجىء بها السلطان و معاونوه في الحكم وحاشيته و بطانته .. النتيجة السارة ان نجح الأمير في حل الفزورة. و كلهم كانوا لا يتوقعون أبدا هذه النتيجة.. إمرأة واحدة فقط كانت تتوقعها .. المربية العجوز.. فقد غششتها للأمير بعد أن همست الأميرة في أذنها و هي تلقي نظرة على الأمير الخاطب : هذا هو فارس أحلامي .. وددت لو كان زوجي .. ولكن ما الفائدة انه لن يستطيع حل الفزورة اللعينة ! و كانت فزورة الأميرة قمر الزمان تقول: " أمره عجيب المخلوق ده .. و هو صغير يمشي على أربع رجلين .. ولما يكبر شوية يمشي على رجلين أثنين .. و لما يعَجِز يمشي على ثلاث أرجل ... حزر فزر المخلوق ده يطلع مين ؟! و أنت يا أخي العضو حزر فزر معانا و إذا حليت اللغز يمكن يكون لك نصيب في المربية العجوز.

يسلم لي قلبكــ يا ملك الطليان ,,




تحياتي لكـ ,,